مقدمة Flashcards
الأهداف
أن أتعرف من هو ابن أبي زيد القيرواني.
أن أدرك مضمون رسالة ابن أبي زيد ومنهجيته فيها.
أن أتمثل توجيه ابن أبي زيد وطريقته في تبليغ العلم.
الفقه
الفقه علم من العلوم الشرعية، مرتبط بالحياة، وهو المنظم لكيفية عبادة الإنسان لربه وعلاقته بغيره. فبالفقه تعرف أحكام الطهارة والصلاة وكيفيتهما، وأحكام الصيام والزكاة والحج والنكاح والبيع وغيرها. ومن كتب المالكية النافعة في هذا الباب كتاب الرسالة لابن أبي زيد القيرواني رحمه الله تعالى ت 386 هـ.
المتن
قال ابن أبي زيد رحمه الله: الحَمْدُ للهِ الَّذِي ابْتَدَأَ الإِنْسَانَ بِنِعْمَتِهِ، وَصَوَّرَهُ فِي الأَرْحَامِ بِحِكْمَتِهِ، وَأَبْرَزَهُ الَى رِفْقِهِ وَمَا يَسَّرَ لَهُ مِنْ رِزْقِهِ، وَعَلَّمَهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ، وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْهِ عَظِيماً، وَنَبَّهَهُ بِآثَارِ صَنْعَتِهِ، وَأَعْذَرَ إِلَيْهِ عَلَى أَلْسِنَةِ المُرْسَلِينَ الخِيَرَةِ مِنْ خَلْقِهِ، فَهَدَى مَنْ وَفَّقَهُ بِفَضْلِهِ، وَأَضَلَّ مَنْ خَذَلَهُ بِعَدْلِهِ، وَيَسَّرَ المُؤْمِنِينَ لِلْيُسْرَى، وَشَرَحَ صُدُورَهُمْ لِلذِّكْرَى، فَآمَنُوا بِاللهِ بِأَلْسِنَتِهِمْ نَاطِقِينَ، وَبِقُلُوبِهِم مُّخْلِصِينَ، وَبِمَا أَتَتْهُمْ بِهِ رُسُلُهُ وَكُتُبُهُ عَامِلِينَ، وَتَعَلَّمُوا مَا عَلَّمَهُمْ، وَوَقَفُوا عِنْدَ مَا حَدَّ لَهُمْ، وَاسْتَغْنَوْا بِمَا أَحَلَّ لَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ.
أَمَّا بَعْدُ؛ أَعَانَنَا الله وَإِيَّاكَ عَلَى رِعَايَةِ وَدَائِعِهِ، وَحِفْظِ مَا أَوْدَعَنَا مِنْ شَرَائِعِهِ، فَإِنَّكَ سَأَلْتَنِي أَنْ أَكْتُبَ لَكَ جُمْلَةً مُخْتَصَرَةً مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَةِ، مِمَّا تَنْطِقُ بِهِ الأَلْسِنَةُ، وَتَعْتَقِدُهُ القُلُوبُ، وَتَعْمَلُهُ الجَوَارِحُ، وَمَا يَتَّصِلُ بِالوَاجِبِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ السُّنَنِ مِنْ مُؤكَّدِهَا وَنَوَافِلِهَا وَرَغَائِبِهَا وَشَيْءٍ مِنْ الآدَابِ مِنْهَا، وَجُمَلٍ مِنْ أُصُولِ الفِقْهِ وَفُنُونِهِ، عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَحِمَهُ الله تَعَالَى وَطَرِيقَتِهِ، مَعَ مَا سَهَّلَ سَبِيلَ مَا أَشْكَلَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ تَفْسِيرِ الرَّاسِخِينَ، وَبَيَانِ المْتُفَقِّهِينَ، لِمَا رَغِبْتَ فِيهِ مِنْ تَعْلِيمِ ذَلِكَ لِلْوِلْدَانِ كَمَا تُعَلِّمُهُمْ حُرُوفَ القُرْآنِ، لِيَسْبِقَ إِلَى قُلُوبِهِمْ مِنْ فَهْمِ دِينِ اللهِ وَشَرَائِعِهِ مَا تُرْجَى لَهُمْ بَرَكَتُهُ، وَتُحْمَدُ لَهُمْ عَاقِبَتُهُ، فَأَجَبْتُكَ إِلَى ذَلِكَ لِمَا رَجَوْتُهُ لِنَفْسِي وَلَكَ مِنْ ثَوَابِ مَنْ عَلَّمَ دِينَ اللهِ أَوْ دَعَا إِلَيْهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ خَيْرَ القُلُوبِ أَوْعَاهَا لِلخَيْرِ، وَأَرْجَى القُلُوبِ لِلخَيْرِ مَا لَمْ يَسْبِقِ الشَّرُّ إِلَيْهِ، وَأَوْلَى مَا عُنِيَ بِهِ النَّاصِحُونَ، وَرَغِبَ فِي أَجْرِهِ الرَّاغِبُونَ، إِيصَالُ الخَيْرِ إِلَى قُلُوبِ أَوْلَادِ المُؤْمِنِينَ لِيَرْسَخَ فِيهَا، وَتَنْبِيهُهُمْ عَلَى مَعَالِمَ الدِّيَانَةِ وَحُدُودِ الشَّرِيعَةِ لِيُرَاضُوا عَلَيْهَا، وَمَا عَلَيْهِمْ أَنْ تَعْتَقِدَهُ مِن الدِّينِ قُلُوبُهُمْ، وَتَعْمَلَ بِهِ جَوَارِحُهُمْ؛ فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّ تَعْلِيمَ الصِّغَارِ لِكِتَابِ الله يُطْفِئُ غَضَبَ الله، وَأَنَّ تَعْلِيمَ الشَّيْءِ فِي الصِّغَرِ كَالنَّقْشِ فِي الحَجَرِ، وَقَدْ مَثَّلْتُ لَكَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَنْتَفِعُونَ إِنْ شَاءَ الله بِحِفْظِهِ، وَيَشْرُفُونَ بِعِلْمِهِ، وَيَسْعَدُونَ بِاعْتِقَادِهِ وَالعَمَلِ بِهِ. وَقَدْ جَاءَ أَنْ يُؤْمَرُوا بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ، وَيُضْرَبُوا عَلَيْهَا لِعَشْرٍ، وَيُفَرَّقَ بَيْنَهُمْ فِي المَضَاجِعِ، فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمُوا مَا فَرَضَ الله عَلَى العِبَادِ مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ قَبْلَ بُلُوغِهِمْ، لِيَأْتِيَ عَلَيْهِم البُلُوغُ وَقَدْ تَمَكَّنَ ذَلِكَ مِنْ قُلُوبِهِمْ، وَسَكَنَتْ إِلَيْهِ أَنْفُسُهُمْ، وَأَنِسَتْ بِمَا يَعْمَلُونَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ جَوَارِحُهُمْ.
بْرَزَهُ إِلَى رِفْقِهِ
أخرجه من ضيق الرحم إلى سعة الدنيا وخيراتها
أَعْذَرَ إِلَيْهِ
قطع عُذره بإرسال الرسل وإنزال الكتب
وَدَائِعِهِ
جوارحه السبعة للإنسان
لِيُرَاضُوا
ليُمَرَّنوا ويُدَرَّبوا
الفقه لغة
الفهم، تقول: فقِه الرجل بالكسر، وفلان لا يفقه ولا ينقه، وأفقهتك الشيء، ثم خص به علم الشريعة، والعالم به فقيه، وقد فقه بالضم فقاهة، وفقهه الله، وتفقه: إذا تعاطى ذلك، وفاقهته: إذا باحثته في العلم. (الصحاح، تاج اللغة، وصحاح العربية للجوهري مادة: فقه)
وجاء في لسان العرب: والفقه في الأصل الفهم. يقال: أوتي فلان فقها في الدين أي فهما فيه
والفقه اصطلاحا
العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية. وخص هذا العلم باسم الفقه لشرفه وفضله على سائر العلوم، إذ هو مخدومها، وهي خادمته.
وأحكامه متلقاة عن النبي عليه الصلاة والسلام من أربع طرق:
1 ـ الألفاظ. وهي أصناف تذكر في علم الأصول
2 ـ الأفعال. وهي عند الأكثر من طرق تلقي الأحكام الشرعية
3 ـ الإقرار. وهو طريق يُستَقَى منها أحكام تَتَّسِمُ بالجواز
4 ـ القياس. وهو مما يقول به العقل؛ لأن وقائع الناس متجددة غير متناهية
وأما الإجماع وباقي الأدلة فهي تابعة لأحد الأربعة، وليست مستقلة بذاتها. (ملخص من مقدمة بداية المجتهد)
التعريف بابن أبي زيد
هو أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني إمام المالكية في وقته وقدوتهم، وجامع مذهب مالك، وشارح أقواله، كان واسع العلم كثير الحفظ والرواية، وكتبه تشهد له بذلك، فصيح القلم ذا بيان ومعرفة بما يقوله، ذابّاً عن مذهب مالك، قائماً بالحجة عليه، بصيراً بالرد على أهل الأهواء. يقول الشعر، ويجيده، ويجمع إلى ذلك صلاحاً تاماً، وورعاً وعفة، وحاز رئاسة الدين والدنيا، وإليه كانت الرحلة من الأقطار، ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه. وهو الذي لخص المذهب، وضم كسره، وذبّ عنه، وكان يعرف بمالك الصغير.
توفي رحمه الله عام 386 هـ (ترتيب المدارك للقاضي عياض 1 /447)
ومن مؤلفاته: «النوادر والزيادات على المدونة» و«مختصر المدونة»، وهو مشهور، ومؤلفات أخرى مهمة. وعلى كتابيه المذكورين المعوَّل بالمغرب في التفقه.
1 مكانة الرسالة
يعتبر كتاب الرسالة لابن أبي زيد القيرواني من أهم مؤلفات المالكية التي كثر الإقبال عليها وانتفاع الناس بها.
وقد ألف ابن أبي زيد القيرواني رسالته هذه سنة 327هـ وهو ابن سبع عشرة سنة، وهي من أهم كتبه التي تأتي في الدرجة الثالثة بعد «الموطأ» و»المدونة» في المذهب المالكي. ومقدمتها صريحة الدلالة على أن «ابن أبي زيد القيرواني» لم يتجه إلى تأليف «الرسالة» من تلقاء نفسه، بل سأله أحد شيوخه أن يفعل ذلك. وما إن ظهرت الرسالة حتى اشتهرت في كثير من البلدان، وتنافس الناس في اقتنائها، وكتبت بالذهب.
وتتابعت العصور والرسالة تزداد شهرة واعتناء بها من قبل علماء كثيرين من المشرق والمغرب، منهم:
القاضي أبو محمد عبد الوهاب البغدادي المتوفى سنة 422 هـ، الذي قال فيه القلشاني: إنه أول شارح لها.
أحمد بن محمد بن عبد الله القلشاني المتوفى سنة 863 هـ، الذي سمى شرحه لها: تحرير المقالة في شرح الرسالة.
أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن يخلف» المصري الشاذلي المتوفى سنة 939 هـ، الذي شرحها بشروح عدة، والمتداول منها شرحه المسمى: «كفاية الطالب الرباني». وعليه الاعتماد في تدريس الرسالة. وإلى جانب هؤلاء آخرون كثيرون.
مضمون الرسالة
تتضمن الرسالة جملة مختصرة من واجب أمور الديانة، مما تنطق به الألسنة، وتعتقده القلوب، وتعمله الجوارح، وما يتصل بذلك من السنن والنوافل والرغائب، وشيء من الآداب، وجمل من أصول الفقه وفنونه. قال الشيخ زروق رحمه الله: وتحصل ذلك في أربعمائة حديث مضمنة أربعة آلاف مسألة. كذلك قالوا، وفي الأحاديث نظر. (شرح زروق على الرسالة ج 1 ص 28)
وذلك كله على مذهب الإمام مالك رحمه الله، وطريقته التي بنيت بها فروعه على أصولها ومآخذها عن طريق الاستدلال والاستنباط ببيان الفقهاء الأثبات المتمكنين.
منهجية الرسالة
نهج المؤلف طريق التبسيط لمسائل التوحيد والعقيدة على طريقة مذهب السلف الصالح دون تعقيد أو خوض في مسائل علم الكلام الموسومة بالجدل المنطقي، كما بسط فيها أهم مسائل الفقه في العبادات والمعاملات والفرائض والحدود والآداب. وقدم ذلك كله بعبارة واضحة، وأسلوب سلس مبسط، وروعة البيان، مما جعلها محل قبول وإقبال للدارسين. (دعوة الحق ـ العدد: 364 ذو الحجة 1422/فبراير 2002 عبد المجيد معلومي بعنوان: ابن أبي زيد القيرواني من خلال كتابه «متن الرسالة» (بتصرف).
وقد أشار ابن أبي زيد رحمه الله إلى مقصد نبيل يتمثل في الحرص على تعليم العباد ونفعهم وإرشادهم إلى الخير، خصوصا الناشئة من الصبيان، الذين ينبغي الاهتمام بتربيتهم الدينية كأمرهم بالصلاة، وتعليمهم الفرائض والمسنونات من الأقوال والأفعال، حتى يدركوا سن البلوغ، وقد استأنست بذلك قلوبهم وتعودت عليه أبدانهم.
